تميز العضو نقاط التمييز: 0 الاوصاف: عدد الاوسمة لهذا العضو: 0
موضوع: حسن الظن بالله الجمعة يوليو 20, 2007 5:46 pm
حسن الظن بالله
روى الترمذي رحمه الله -وقال: حديث حسن- مرفوعا: "قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي. يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء(1)، ثم استغفرتني غفرت لك. يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة". وقُِراب الأرض بكسر القاف، وضمها أشهر هو ما يقارب ملأها.
وروى الترمذي وابن ماجة وابن أبي الدنيا رحمهم الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل على شاب وهو في الموت فقال: "كيف تجدك؟" قال: أرجو الله يا رسول الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعان في قلب عبد مؤمن في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله تعالى ما يرجو، وآمنه مما يخاف".
وروى الإمام أحمد رحمه الله وغيره مرفوعا: "إن الله عز وجل يقول للمؤمنين يوم القيامة: هل أحببتم لقائي؟ فيقولون: نعم يا ربنا، فيقول: لم؟، فيقولون: رجونا عفوك ومغفرتك، فيقول: قد أوجبت لكم مغفرتي".
وروى الشيخان رحمهما الله مرفوعا: "قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي".
وروى أبو داود وابن حبان رحمهما الله وغيرهما مرفوعا: "حسن ظن من حسن العبادة". وفي رواية للترمذي والحاكم رحمهما الله: "إن حسن الظن بالله من حسن عبادة الله".
وروى مسلم وأبو داود وابن ماجة رحمهم الله عن جابر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل". وروى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي رحمهم الله مرفوعا: "قال الله عز و جل: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله".
وروى البيهقي رحمه الله عن رجل من ولد عبادة بن صامت رضي الله عنه لم يسمه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمر الله عز وجل برجل إلى النار، فلما وقف على شفتها التفت فقال: أما والله يا رب إن كان ظني بك لَحَسَناً، فقال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي". يعني فأدخله الله الجنة كما في رواية. والله تعالى أعلم.
أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون رجاؤنا وظننا في الله تعالى حسنا بطريقه الشرعي بأن نأتي بجميع المأمورات الشرعية، ثم نرجو فضل ربنا ونعول على فضله لا على تلك الأعمال، فإنه لو أخذنا بما في طاعاتنا من سوء الأدب معه لعذبنا أبد الآبدين، وهذا الرجاء والظن بالله تعالى مُتَعَيِّن على الإنسان في كل نَفَس، ومن قال إن ترجيح حسن الظن لا يكون إلا عند الموت قلنا له: والموت حاضر عندنا في كل نَفَس من الأنفاس، ليس لنا عهد من الله تعالى برجوع نفس واحد إذا خرج. فيحتاج المؤمن إلى عينين؛ عينٍ ينظر بها إلى حضرة الانتقام فيخاف من الله تعالى، وعينٍ ينظر بها حضرة الرحمة والمغفرة فيرجو فضل الله تعالى ورحمته، فالعينان في آن واحد لأنهما يتعاقبان. فافهم.
ويحتاج من يريد الوصول إلى ذلك إلى شيخ يسلك به حتى يجعل له عينين بعد أن كان أعور، وقد حثنا الله تعالى على حسن الظن به بقوله: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا"(2). فمن لم يظن بالله خيرا فقد عصى أمر الله تعالى.